دعم الموسوعة:
Menu

الهدیة العلمیة العظیمة

عنوان تـقریظ تـفضل به العلامة السید محمد بن عبد القادر آزاد رئیس مجلس علماء باکستان ، بالإضافة إلى کونه إمام الجمعة والجماعة فی المسجد الملکی بلاهور

 

بسم الله الرحمن الرحیم

إن الحقیقة غیر القابلة للإنکار هی إن عمل الإمام الحسین فی الدفاع عن عز الإسلام کان یختص به ، ومما لا ریب فیه أن من تربى فی حجر الرسول الأعظم ( صلى الله علیه وآله ) لا یمکن أن یرى الإسلام قد شوهت صورته الحقیقیة ویسکت ، کلا ، ویستحیل أن یبقى إمام الأمة ولا یعمل بمسؤولیته الإنسانیة قبال الهدایة والإرشاد للناس إلى الحق ، حینما یحرَّف الدین ویعمل باسم الإسلام بما لا یرضى به الإسلام .

فالإمام الحسین قام لحفظ الدین والشریعة الإلهیة وسد الطریق على مسخ الحقائق القرآنیة واستـقام ضد المتلاعبـین بأحکام الله العظیمة وأبطل أساس الطـاغوت وألـقاه فی بحر الذلّـة .

ففی نظرة عامة یذکر الإمام الحسین ( علیه السلام ) کشخصیة عظیمة أو بطل التاریخ الذی حفظ الدین الإلهی ومعارفه القیّمة بشهادته وفداء نفسه ، وإن کان هذا العمل من خصائص الشخصیة العظیمة للإمام الحسین ( علیه السلام ) لأن حفظ الإسلام هو حفظ معالم ومعارف لمئة وأربعة وعشرین ألف نبی علیهم السلام ، ولکن باعتـقادی إن هذه الصفة لیست فیها کفایة لتعریف شخصیة الإمام الحسین ( علیه السلام ) بل هی إحدى الصفات والخصائص له ( علیه السلام ) والحق أن یقال انه مع جهاده العظیم الذی لا یوجد مثیل له فی العالم أوصل سفینة الإنسانیة إلى ساحل النجاة بعدما کانت تغرق فی الضلالة وتـفنى فی طوفان المعصیة ، فأخذ الحسین بیدها وأتى بها إلى وادی القدس والطاعة الإلهیة ، فلذلک نستطیع أن نقول إن الإمام الحسین ( علیه السلام ) حافظ للإسلام وحارس للإنسانیة .

من الشخصیات العبقریة التی تحدث التاریخ بذکرها العظیم الإمام الحسین بن علی ( علیه السلام ) فقد قیل وکتب حوله الکثیر ، وکل أخذ جانباً من شخصیة الإمام ، فهناک من رآه فی ظل الآیات القرآنیة ومنهم من قرأ فضائله فی لوح الحدیث ، ومنهم من نظر إلى عبقریته من منظر التاریخ ، ومنهم من نال بمعرفة عظمته فی وادی الشعر والأدب ، فکل محقق وعالم سعى فی حصول عرفان ذاته ( علیه السلام ) فقد بحث حوله حسب قوة فکره وذوق طبعه وأقرّ بمقامه ومنزلته بما نال من شخصیته وهل نجح کل من هؤلاء الباحثین عنه ( علیه السلام ) فی سعیه أم لا ، فهذا الأمر یختـص بأهل الخبرة بالموضوع ، ولکن أستطیع أن أقول إجمالاً إن کل باحث عن الإمام الحسین ( علیه السلام ) وإن کان هو من الخواص أو العوام فهو أظهر وأقـرّ وأعترف بأن الإمام الحسین ( علیه السلام ) له شخصیة جامعة الفضائل والکمالات کلها ولا یختص هو فی کمالات ذاته بجانب دون آخر بل من کل النواحی والجوانب الشخصیة ، هو مصدر نور وهدى ومن یقول أو یکتب حوله ( علیه السلام ) فهو حسب قدرته العلمیة یرید أن یصل إلى معرفة ذاته ویعرّفه للآخرین ، لکن العمل الذی عمله المحقق العظیم العالم الجلیل سماحة آیة الله الشیخ محمد صادق الکرباسی حول شخصیة الإمام الحسین ( علیه السلام ) فهو یختـص وینـفرد به لأنه لم یر الإمام من جانب واحد من جوانب الشخصیة بل من جمیع الجوانب والنواحی من البحث والتحقیق لکی لا یکون أی محقق حول الإمام الحسین ( علیه السلام ) محتاراً فی عمله التحقیقی هنا وهناک بل یأخذ من جنة واحدة کل ما تـشتهی فیه نفسه العلمیة من الثمرات ویرى فیها کل وردة یریدها ، وهذا الأمر تجلى فی موسوعة دائرة المعارف الحسینیة بتمامه وکماله .

وقد طالعت فی حیاتی عدداً کبیراً من دوائر المعارف ، ولکن دائرة المعارف الحسینیة تـفوق غیرها  من حیث الجامعیة للمفردات ذات الصلة بالموضوع ، فالمؤلف الفاضل أتم عمل التحقیق فی أکثر من خمسمائة مجلد أو أکثر ، وبدأ العمل العلمی العظیم بذکر حول کلام شعراء العرب فی القرن الأول وتم أمر الطبع لأثـنین من المجلدات من ذلک ، وهو أنموذج لعمل التحقیق من المؤلف المحترم .

والحق إن دائـرة المعارف الحسیـنیة عمل وحید فی هذا العصر فـرید فی موضوعه ، ولا یوجد له نظیر فی عالم التحقـیق على سعته وهو یدل على أهمیـته فی الجوامع العلمیة فی العالم .

إن المؤلف لم یقتصر عمله التحقیقی على اللغة العربیة بل یعم جمیع اللغات الحیـّة فی العالم ، فکل ما یتعلق بالإمام الحسین ( علیه السلام ) وأی کتاب باللغة العربیة أو الفارسیة أو الاوردیة أو الإنکلیزیة أو السواحلیة أو غیرها وفیه ذِکر للإمام الحسین ( علیه السلام ) من أی جانب ، کان المؤلف یحقق حوله بالبسط والشرح ، وتـنفرد الموسوعة بعدم الاکتـفاء بذکر وتحقیق الکتب التی أخذ فیها الجانب الایجابی حول الإمام الحسین ( علیه السلام ) أو قیامه ، بل یشمل أیضاً الکتب التی أخذ فیها الجانب السلبی للموضوع أو انتـقاده علیه من جانب ، فالمؤلف ذکره وحققه ، وهذا هو الأمر التی تمتاز به الموسوعة عن غیرها ، فنرى ان من یکتب کتاباً حول أی موضوع کان ، فهو یذکر فیه ما یتعلق بإیجابیات الموضوع ویترک ما قیل بسلبیاته ، ولکن دائرة المعارف الحسینیة شاملة لجمیع جوانب الموضوع وهی تحقیقات لما قیل فی السلب عن الموضوع ، وهی تدل على سعة نظر المؤلف وحریة فکره .

وعلى أی حال أهنىء صاحب الموسوعة سماحة الشیخ آیة الله محمد صادق الکرباسی دام تأییده على مساعیه العالیة فی تحقیق الموضوع وإعطاء هذه الهدیة العلمیة العظیمة للمجتمعات العلمیة فی العالم لیسهل أمر التحقیق لکل من یرید الوصول الى الحق والواقع من التاریخ والعـلوم بأسرها .

وأنا أتوقع أن المؤلف الفاضل لا یترک أی جانب من الموضوع فی الأجزاء الآتیة للموسوعة لکی یشبع کل متـتبع فی الموضوع حول سیدنا الإمام الحسین وشخصیته وقیامه .

أدعو الله القدیر مزید التوفیق للمؤلف الخبیر لتکمیل ما أراد من الموضوع وتحقیقه .

 

6/9/1417 هـ 5/1/1997 م

باکستان – لاهور

الدکتور السید محمد عبد القادر آزاد