غيومُ الغَم (*)
بدأتْ غيوم الغمِّ تجتاحُ |
وبها صفاءُ القلبِ ينزاحُ |
بشُجونها قد زَمْجَرَتْ دَهْراً |
وَحَكَتْ بحُزْنٍ مثلما ناحوا(1) |
هطَلَتْ دموع الوَجْدِ أقْساها |
فتهاوتِ الأجرامُ مُذ ساحوا(2) |
كُسِفَتْ شموسُ العِزِّ بلْ ساخَتْ |
وهي التي بالخُلْدِ تَرْتاحُ |
تَرَكَ الزَّنيمُ المُفتري غَدْراً |
زُمَرَ العِدا بالجَوْرِ قدْ ماحوا(3) |
وعلى حريمِ المصطفى ظُلماً |
هجموا بعنفٍ بعدما صاحوا |
قَسَماً بربِّ العرْشِ ما فازوا |
وبِغَيِّهِمْ في غيظهم فاحوا(4) |
فَهُمُ الأُلى مادوا بإجرامٍ |
وإلى الجحيم المصطلي راحوا |
أترى بذا قد كرّموا القُربى |
وعن النّعيم المرتجى ناحوا(5) |
قَضَتِ البتولُ الطُّهْرُ عنهم وَا |
جِدَةً، ففي ذا عُدَّ إفْصاحُ |
عَمِلَ الحبيبُ المُرتضى سِرّاً |
بتعمُّدٍ.. في الأمرِ.. مِلْحاحُ |
دُفِنَتْ بليلٍ ألْيلٍ رفضا |
لجحود منْ عاثوا ومنْ شاحوا(6) |
لحِقَتْ بركْبِ المهتدي شوقاً |
وَقَلَتْ نوادي القوم مُذ باحوا |
فلقد بَدَا أنَّ الحَيا مُبْكٍ |
وبها خفى ضيمٌ وأتراحُ |
فإلى اللطيف المرتجى أدعو |
لغدٍ توالتْ فيه أفراحُ |
بمحمدٍ والآلِ أرجو رَبّـ |
ـي صادقاً في الحشْرِ أجتاحُ |
.......................................
(*)البحر: مجزوء الخصوب الذي دخل على أولى تفاعيله الحذف فأصبحت: متفاعلن (///.//.) فعلن (///.)، وتركيبته الحالية: «فعلن مفاعيلن مفاعيلن × 2»، والذي يمكن أن تُستقطع هكذا: «متفاعلن مستفعلن فَعْلُنْ» راجع ديوانه «زلّة الأقلام»، وقد أنشأها في ذكرى وفاة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام).
(1)ناحوا: من النياح.
(2)الوجد: القهر.
ساحوا: جَروا.
(3)ماحوا: تبختروا.
(4)فاح: اشتدت حرارة غيظه.
(5)ناحوا: مالوا.
(6)شاحوا: تعمدوا في مضايقة الآخر.