دعم الموسوعة:
Menu
Daniel Isaac Odishu

العمل الأدبي الواسع

 

کتب الدکتور دانیال بن اسحاق أوديشو، الخبیر باللغات الشرقیة، عن الجزء الثاني من دیوان الأبوذیة من دائرة المعارف الحسینیة،

باللغة الآشوریة، وقد ترجم النص الى العربیة.

 

تعتبر دائرة المعارف الحسینیة عملا أدبیاً واسعاً جداً، إذ أخذ سماحة الشیخ محمّد صادق محمّد الکرباسي على عاتقه جعل هذه الموسوعة – منذ أن تبلورت فکرتها عنده – معیناً یروي القرّاء المتعطشین للعلم والمعرفة.

وُلد مؤلف الموسوعة في مدینة کربلاء المقدسة سنة 1366 هـ في محلة باب السلالمة المجاورة لمرقد الإمام الحسین (ع). وشرع بتـألیف هذه الموسوعة سنة 1408 هـ. وقد دوّن – حتى الآن - ثلاثمائة جزء، وربما سیتجاوز هذا العمل الأدبي خمسمائة جزء.


إن دائرة المعارف الحسینیة لیست کتاباً للطلبة الجامعیّـین أو للباحثـین في الدراسات العلیا، بل هي جَـنـّةٌ وافرة الثمار لکل باحث مهما کان مستوى ثـقافته، إذ یستطیع أن یقطف ویتـناول ما یشاء من ثمار الحسین(ع). ویأمل المؤلف أن تکون هذه الموسوعة شاملة وقادرة على استیعاب دائرة الامام الحسین (ع) والدوائر الصغیرة المحیطة بها، لکي یُجنّب تراث الامام من الضیاع والتـناسي.

إن دائرة المعارف الحسینیة لیست کتاباً للطلبة الجامعیّـین أو للباحثـین في الدراسات العلیا، بل هي جَـنـّةٌ وافرة الثمار لکل باحث مهما کان مستوى ثـقافته، إذ یستطیع أن یقطف ویتـناول ما یشاء من ثمار الحسین(ع). ویأمل المؤلف أن تکون هذه الموسوعة شاملة وقادرة على استیعاب دائرة الامام الحسین (ع) والدوائر الصغیرة المحیطة بها، لکي یُجنّب تراث الامام من الضیاع والتـناسي.

بعد عام على میلاد الإمام الحسن (ع) وفي الیوم الثالث من شهر شعبان المبارك في السنة الرابعة للهجرة، زٌفت البشرى الى الرسول (ص) بمیلاد الحسین (ع) فأسرع الى دار علي والزهراء (ع) وقال لأسماء بنت عُمَیس: یا أسماء أعطني ابني، فحملته إلیه وهو ملفوف في قماط أبیض، فابتهج الرسـول (ص) وضمّه إلیه، وأذّن في أذنه الیمنى وأقام في أذنه الیسرى، ووضعه في حضنه وبکى، فقالت أسماء: فداك أبي وأمي یا رسول الله، مالك تبکي ؟ فأجاب الرسول الله الأعظم (ص): أبکي ابني هذا ! فقالت: إنه وُلد توّاً ؟ فقال رسول الله (ص): یا أسماء، سوف تقـتله فئة باغیة من بعدي، لن یغفر الله لها. وإیّاكِ أن تخبري فاطمة بهذا، لأنها نفساء. ثم سأل رسول الله (ص) علیاً (ع): بماذا أسمیت ابني ؟ فأجابه علي (ع): لن أسبقك بتسمیته یا رسول الله. وهنا نزل الوحي المقدس على رسول الله (ص) حاملاً إسم الولید من الله. وحینما تلقّى الرسول أمر الله بتسمیة ولیده المبارك، التـفت الى علي (ع) قائلا: سَمّهِ الحسین. وفي الیوم السابع لمیلاد الحسین (ع) ذهب رسول الله (ص) الى بیت الزهراء (ع) فضحّى عن الحسین (ع) کبشاً، وأمر بحلق شعر رأس سبطه (ع) والتصدّق بوزن ذلك الشعر فضةً. وهکذا فـقد أجرى للحسین (ع) ما أجرى لأخیه الإمام الحسن (ع) من مراسیم إسلامیة.

للإمام الحسین (ع) مکانة ومنزلة رفیعة لا یرقى الیها سوى منزلة ومکانة أبـیه وأمه وأخیه الإمام الحسن (ع) والأئمة من ولده علیهم جمیعاً أفضل الصلاة والسلام. ولو بذل المؤرخون المساعي المناسبة والجهد المطلوب لکتابة وتدوین أولیات ما یحظى به الإمام الحسین (ع) من مقام رفیع ومکانة سامیة، لخرجوا بأسفار ضخمة في هذا المجال. فالقرآن الکریم – تلك الوثیقة الإلهیة العظمى – الذي لا یأتیه الباطل من بین یدیه ومن خلفه، یشهد عن الشوط البعید الذي قطعه الإمام الحسین (ع) من درجات السمـوّ والنُبل والرفعة عند الله سبحانه وتعالى. فهو واحد من أهل البـیت النبوي الذین نزل في حقهم قوله تعالى: " إنما یرید الله لیذهب عنکم الرجس أهل البـیت ویطهرکم تطهیرا " (الأحزاب 33) والآیة الکریمة: " قل لا أسألکم علیه أجراً إلا المودة في القربى " (الشورى 23). فمن خلال هذه الآیات الکریمة تظهر مکانة الحسین (ع) وأهل البیت ومنزلتهم عند الله تعالى.

وقد وردت أحادیث عن رسول الله (ص) لإبراز وإعلان منزلة الحسین الرفیعة. فقد ورد في صحیح الترمذي " حسین مني وأنا من حسین. أحبّ الله من أحب حسیناً. حسین سبط من الأسباط " وعن سلمان الفارسـي انه قال: سمعت رسول الله (ص) یقول: " الحسن والحسین ابناي، من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أکبّه على وجهه في النار ".

نستطیع أن ندرك عمق علاقة الحسین (ع) بالله سبحانه وتعالى، إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن یدي الرسول قد تعاهدتاه بالتربـیة الروحیة والفکریة بمعیّة عليّ والزهراء (ع) مما أضفى ذلك البعد الربّاني السامي على شخصیته ومسارها الحیاتي:

• فقد قیل له یوماً ما أعظم خوفك من ربك ؟ فأجاب: " لا یأمن أهوال یوم القیامة إلا من خاف الله في الدنیا.

• وکان (ع) إذا توضأ تغیّر لون وجهه وارتعدت مفاصله، فقیل له في ذلك، فأجاب: " حقّ لمن وقف بین یدي الملك الجبّار أن یصفرّ لونه وترتعد مفاصله ".

 في لیلة العاشر من محرم الحرام طلب الإمام الحسین (ع) من الجیش الأموي أن یمهله تلك العشیّة قائلا: " إنا نرید أن نصلي لربنا ونستغفره هذه اللیلة، فهو یعلم أنني أحب الصلاة له وتلاوة کتابه وکثرة الدعاء والاستغفار ". إن هذا السلوك یعکس لنا عمق العلاقة التي تربط الإمام الحسین (ع) بالله سبحانه، ومدى حبّه (ع) له تعالى.

   حین ننظر الى الحسین (ع) من الجانب الخلقي نلمس مدى تـفاعله مع الأمة بمختلف قطاعاتها، باعتباره قدوتها وإمامها. ولا نقصد هنا طبعاً أن الحسین (ع) کان یختلف عن سواه من الأئمة في طبیعة التـفاعل مع الجماهیر، لکننا نشیر الى الجانب الأخلاقي المشرق من شخصیته، وکل جوانبها المشرقة.

مرّ الإمام الحسین (ع) على مساکین وهم یأکلون کِسَراً من الخبز، فسلم علیهم، فدعوه الى طعامهم فجلس معهم، وقال: " لولا أنه صدقة لأکلت معکم " ثم قـال (ع): " قوموا الى داري "، فأطعمهم وکساهم وأمر لهم بعطاء. ورغم تواضعه کانت له مکانة اجتماعیة لا ترقى إلیها مکانة رجل في عصره، الى درجة ان الصحابي ابن عباس کان یمسك له رکاب الفرس إجلالاً له، رغم انه یکبره سنّـاً. وعندما کان الناس یلتـقون به أثـناء مسیره الى الحج ماشیاً کانوا یترجّـلون عن أفراسهم إجلالاً له.

بعد مقتل عثمان بن عفان، بایع المسلمون الإمام علیاً (ع) بالخلافة، وسلّموه مقالید الحکم، لکن معاویة بن أبي سفیان رفض البـیعة له وأعلن تمرّده علیه رغم کونه الخلیفة الشرعي، ونصّب نفسه خلیفة على الشام التي کان والیاً علیها منذ عهد عثمان. ویلاحظ الدارس للتاریخ السیاسي الإسلامي لتلك الفترة أن الإمام علیاً (ع) واجه ثلاث کُتل سیاسیة:

1- الحزب الأموي بقیادة معاویة بن أبي سفیان.

2- الخوارج الذین انفصلوا عن جیش الإمام علي (ع) وتمردوا علیه.

3- کتلة عائشة وطلحة والزبیر بن العوام.

وبعد فترة من الحروب والصراعات بین الإمام علي (ع) وبین هذه الأحزاب والکتل السیاسیة، استطاع أن یقضي على تمرّد عائشة وطلحة والزبیر في معرکة الجمل الشهیرة التي وقعت قرب البصرة. کما استطاع أن یدحر معاویة في معرکة صفین، وقد انتهى الأمر الى التحکیم والتـفاوض الذي رفضه الإمام علي بعد أن علم انه مجرد خدیعة سیاسیة، لکن الأمر آل في النهایة لمصلحة معاویة، وخرجت فئة من الناس من جیش الإمام علي (ع) وقد سمّاهم التاریخ فیما بعد بالخوارج. وسرعان ما انتهى هؤلاء بعد أن اشتبك معهم الإمام علي في معرکة طاحنة قرب النهروان، حیث دحرهم وشتّـتهم.

وفي غمرة هذا التطاحن والصراع السیاسي المحتدم، خططت فئة من الخوارج لاغتیال کل من معاویة وعمروٍ بن العاص وعلي بن أبي طالب، وقد نجحت هذه المؤامرة عندما نفّذ عبد الرحمن بن ملجم، جریمته النکراء بحق التاریخ والإنسانیة والمتمثلة باغتیال أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (ع)، فأهوى بسیفه المسموم على رأس الإمام عند صلاة الفجر للیوم التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربعین للهجرة، واستـشهد أمیر المؤمنین في الیوم الحادي والعشرین من ذلك الشهر.

باستـشهاد الإمام علي (ع) أمیر المؤمنین ورجل الدولة والجهاد والسیاسة، ورائد المبدأ والحقیقة، ورمز العدالة والقیم، أفرزت الأحداث وضعاً سیاسیاً جدیداً، واختلّ التوازن السیاسي في حرکة المجتمع، ودبّ الوهن في کیان الخلافة، وأخذ حزب معاویة بالنمو والتضخم.

ورغم إیمان المسلمین بعظمة شخصیة الإمام الحسن السبط (ع) وقدسیته ومکانته السیاسیة والاجتماعیة الفریدة، وتعریف رسول الله (ص) المسلمین بمکانته، وبالرغم من وصیة أبیه ومبایعة الأمة له بالولایة والخلافة، فما أن استـشهد الإمام علي (ع) حتى أعلن معاویة نفسه خلیفة للمسلمین، وکتب الى الخلیفة الراشد الإمام حسن (ع) یطالبه بالتـنازل، ویلوّح له بالسیف ویهدده بالحرب. لکن الإمام الحسن (ع) لم یکن یفکر بالتـنازل عن رضا وقناعة، لذلك فقد أعدّ العدّة وهیأ الجیوش للاشتباك في معرکة حامیة الوطیس مع معاویة. إلا أن خیانة قائد جیشه عُبَـْیدِ الله بن العباس، وأسالیب الرشوة والتلویح بالمناصب لبعضهم أمالت کفّة المیزان العسکري لصالح معاویة. فبادر الإمام الحسن (ع) الى حقن الدماء وإیقاف النزیف للحفاظ على کیان الإسـلام من أعدائه الذین کانوا یهدّدونه من الخارج (دولة الروم). وقد وقّع الإمام الحسن (ع) معاهدة الصلح التالیة مع معاویة:

1- هذا ما صالح علیه الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)، معاویة بن أبي سفیان، على أن یُسلّم إلیه ولایة المسلمین، على أن یعمل فیهم بکتاب الله وسنّة رسول الله (ص) وسیرة الخلفاء الراشدین المهتدین، ولیس لمعاویة أن یعهد الى أحد من بعده عهداً.

2- أن تکون له (الإمام الحسن) الخلافة من بعده، فان حدث له شيء، فلأخیه الحسین (ع).

3- أن لا یؤاخذ أحداً من أهل المدینة والحجاز والعراق على شیء مما کان في عهد أبـیه علي (ع).

4- أن لا یتعرضوا الى سبّ أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب (ع) على المنابر ولا یذکروه بسوء ولا یقنتوا بلعنه على مسمع من الإمام الحسن (ع).

5- إن الناس آمنون حیث کانوا في أرض الله تعالى.

6- لا یحق لمعاویة التصرف في بـیت مال الکوفة، وحق التصرّف فیه مقصور على الإمام الحسن.

7- أن لا یتعرّض للحسن والحسین وشیعتهم وموالیهم بسوء.

غیر أن معاویة وقف بعد حین – ورغم توقیعه على وثیقة الصلح – قائلا: "ألا وإني کنت قد مَنّـیْتُ الحسن أشیاء وأعطیته أشیاء، وجمیعها تحت قدميّ هاتین لا أفي بشيء له منها ".

وهکذا، قوي حزب معاویة تدریجیاً، وضعفت الأحزاب المعادیة له، وبدأ بتطبیق مخطط عدواني مناقض لوثیقة الصلح، بإتباع الخطوات التالیة:

 :أولاإشاعة الإرهاب والتصفیات الجسدیة لکل القوى المعارضة للحکم الأموي، ولا سیما أتباع الإمام علي (ع).

ثانيا: إغداق الأموال على قطاعات من الناس وخاصة وعّاظ المساجد والوجوه الاجتماعیة لإسکاتهم وشراء ضمائرهم وذممهم.

ثالثا: المضایقة الاقتصادیة والتجویع لکل من یعارضه.

وبعد أن رجحت کفّة معاویة وقوی موقعه، أعلن معاویة بتـتویج ابنه یزید مَلِکاً على الأمة من بعده. ولقد حجّ معاویة سنة إحدى وخمسین للهجرة، وبعث الى ابن عمر وابن أبي بکر، وأرغمهما لمبایعة ابنه بالإکراه.

وفي هذه الأثـناء، والصراع محتدم والمحنة متـفاقمة، توفي الحسن (ع) فاتجه الناس الى الحسین (ع) وقرروا مبایعته وخلع حکومة معاویة.

وعندما مات معاویة بن أبي سفیان، وتسلم مقـالید الأمور ابنه یزید، کتب الأخیر الذي کان یهاب الحسین (ع) ویعرف مدى تعلّق الأمة به، کتابا في الأیام الأولى لحکمه ووجهه الى الولید بن عتبة بن أبي سفیان والي المدینة، وحثّه على أخذ الحسین (ع) وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبـیر أخذاً شدیداً لیس فیه رخصة حتى یـبایعوا.

تسلّم الولید رسالة یزید وکتم سرّها وفکّر ملیّاً ثم استدعى مروان لیبلغه النبأ ویستـشیره في کیفیة مواجهة الحسین والآخرین. فحبّذ له مروان أن یدعوهم من ساعته ویأمرهم بالبـیعة، فإن فعلوا قَبِلَ منهم وکفّ عنهم، وإن أبوا ضرب أعناقهم قبل أن یحیطوا علماً بموت معاویة. ولکن الإمام الحسین رفض مبایعة یزید لأنه لا یصلح لقیادة الأمة بسبب فسقه وشربه الخمر وقـتله النفس المحرمة وقضاء وقـته باللهو والصید والملذات وملاعبة الحیوانات. ثم کتب الإمام الحسین (ع) الى کافة الأمصار والى موالیه في مکـة والمدینة شارحاً لهم أسباب عدم مبایعته لیزید، ومعلناً بدء تحرکه الاصلاحي.

وقد تسلّم الإمام الحسین رسائل تأیـید ومساندة من کافة الأمصار تدعوه الى القیام وعدم المبایعة والرضوخ لیزید، وخاصة تلك الرسائل الواردة من العراق. ولم یغادر الإمام الحسین المدینة المنورة حتى زار قبر جده رسول الله زیارة مودّع. ثم راح رکبه یطوي الفلوات حتى بلغ مکة المکرمة واستقبله المکیّون والمعتمرون في بـیت الله الحرام فرحین به ومرحّبـین، حیث بدأت الوفود والرسائل تـفد إلیه من شتى الأرجاء، وبدأ الإمام یـبعث بالکتب والرسل ویدعو لإصلاح الأوضاع.

وفي غمرة هذه الظروف تسلّم الإمام الحسین (ع) خطاب ابن عمّه مسلم بن عقیل، وتـقریره عن الأوضاع والظروف السیاسیة في العراق.

وهکذا فقد عزم الإمام الحسین (ع) على الرحیل الى العراق، فجمع نساءه وأطفاله وأبناءه وإخوته، وغادر مکة المکرمة. وبعد مسیرة مضنیة ومحفوفة بالمخاطر استغرقت ثلاثین یوماً وقطع خلالها رکب الإمام ما یقارب الألفي کیلو متر، اعترض الجیش الأموي طریق الإمام الحسین (ع) واضطروه الى التوقف.

وراح الإمام یسأل عن اسم تلك الأرض، فقیل له أنها الطف ثم قیل کربـلاء، فقال: " هذا موضع کرب وبلاء، انزلوا فها هنا محطّ رحالنا وسفك دمائنا، ومحل قبورنا، بهذا حدثـني جدي رسول الله ".

لم یطلب الإمام الحسین (ع) تأجیل قراره بالحرب أو السلم الى الغد لغرض التـفکیر في الأمر وتـقیـیم النتائج وحساب الموقف وحسب، بل لعله قـد فرغ من ذلك، وأتمّه قبـیل تلك الیلة اللیلاء.


وإنما أرادها أن تکون لیلة عبــادة ودعاء ولیلة وداع ووصیة. وهکذا کَلْکَلَ اللیل وأرخى الصمت سدوله ورقدت الخلائق کلها إلا آل محمد (ص) الذین باتوا لیلتهم بـین داعٍ ومصلٍّ ومودّعٍ وموصٍ، تحیطهم الخیل من کل جانب، وقلوب فرسانها ملیئة بـروح الحقد والکراهیة.

 

 

وإنما أرادها أن تکون لیلة عبــادة ودعاء ولیلة وداع ووصیة. وهکذا کَلْکَلَ اللیل وأرخى الصمت سدوله ورقدت الخلائق کلها إلا آل محمد (ص) الذین باتوا لیلتهم بـین داعٍ ومصلٍّ ومودّعٍ وموصٍ، تحیطهم الخیل من کل جانب، وقلوب فرسانها ملیئة بـروح الحقد والکراهیة.

راح الحسین یودّع أهله وأحبابه، السجاد وزینب وسکینة ولیلى والرباب والباقر (ع) ویوصي آخر وصایاه، وبات آله تلك اللیلة ضیوفاً في کربلاء بعیدین عن قبر جدهم رسول الله (ص) وأمهم الزهراء مسیرة شهر.

انقضت لیلة الهدنة وطلعت شمس ذلك الیوم الرهیب یوم الاثنین، وطلعت معها رؤوس الأسنّة والرماح والأحقاد، حیث بدأت المعرکة بـین جیش الإمام الحسین (ع) قلیل العدد، وجیش یزید بن معاویة العرمرم بقیادة شمر بن ذی الجوشن. واستـشهد الإمام الحسین (ع) ومن معه، وعانقوا أرض کربلاء وسقوها بدمائهم الطاهرة. وقد أحتُـزّ رأس الإمام الحسین (ع) وأُبعد آلاف الأمیال عن جسده الطاهر على رأسِ رُمْحٍ الى مدینة دمشق لتـقدیمه هدیّـة للطاغیة یزید بن معاویة.

لقد استحالت صفحات جسده الطاهر کتاباً من مدادِ دم، وکتبت أقدس مواقف البطـولة والشرف، حیث قرئت تلك الحروف الجراح، فکانت 67 حرفاً: ثلاثاً وثلاثین طعنة رمح، وأربعاً وثلاثین ضربة سیف، ومنذ ذلك الیوم ولمدة ثلاثة عشر قرناً نظم الشعراء القوافي وراحوا یرثون الحسین ویندبونه، وأجمل ما في هذا الأشعار، المراثي التي تُـتلى في ذکرى استـشهاد الحسین (ع) سنویاً في مدینة کربلاء.

یعمّي لـیش عالتربان مـترد          عسه روحي بعد للحاي مترد

لوَن أدري تروح آو بعد مترد            مجـان أطلب منّك ماي إلیّه

للخالق أنصار حسین وحدوا          عن الدین ما اصفحوا وحدوا

لبسوا عالدروع کلوب وحدوا          إبضعن الموت وآتوا للمـنیّه

زماني شن علي غارات وعده       یسیره اصفیت بین أوغاد وعده

أخوي آلما اختلف من صار وعده     إشلون إتیسرت ما فـزع لیّه

الـدهر لملم لي ذیـابه وسـوده      وأیامي صفت کشره وسـوده

ذاك الجـنت إله سید وسـوده        صبح یتهکم ابـحکمه علیّـه

لیث الحرب بس عباس داره         وبسیفه ضرب فوك الطوس داره

علیل الـدین دمّ آحسین داره        آو حیه دین النبي سید البریّــه

 

 

1997/10/21 م

المملکة المتحدة

UK Wales الدکتور دانیال اسحاق أديشو

Daniel Isaac Odishu