دعم الموسوعة:
Menu

الصرح الإنتاجي الضخم

في مقال تحت عنوان " دائرة المعارف الحسينية … حفظ للتراث الحسيني من الضياع " نشر ه الأستاذ يوسف ناصر عبر شبكة الاتصالات العالمية ، في موقع  (http://alsaha.com) تحت عنوان " الساحات " بتاريخ 24/4/1999م .

ثلاثمائة جزء و ربما بلغت في المستقبل نحو خمسمائة جزء هي دائرة المعارف الحسينية لمؤلفه آية الله الكرباسي .

تراث ضخم سوف ينضاف إلى التراث الشيعي الإسلامي ، ينبع منه الفكر الأصيل ، و يخدم الأكاديميين و علماء الدين فقط ، و إن امتداده يصل إلى القارىء العادي لسلاسة و طرائق هذا الصرح الإنتاجي الضخم .

إن مصطلح الموسوعة إنما تعني مجموعة مؤلفات في موضوعات شتى ، و في هذه الموسوعة المعجزة ، قاسمها المشترك شخصية باتت بنفسها حضارة مستقلة ، و نجد العديد من الموسوعات الضخمة المثيلة لها كموسوعة ( لغة نامة ) لدهخدا البالغة أجزاؤها ( 199 ) جزء ، و موسوعة الفقه للشيرازي التي تربو ( 150 ) جزء ، و دائرة المعارف الصينية لجنك جسياو الـ ( 118 ) جزء ، و بحار الأنوار للمجلسي في ( 111 ) جزء ، و دائرة المعارف الصينية الكبرى ذات ( 80 ) جزء ، و دائرة المعارف الأسبانية ( أسبا ) المحتوية على ( 70 ) جزء ، و الموسوعة السوفيتية الكبرى في ( 65 ) جزء .

دائرة المعارف الحسينية هي الموسوعة الأولى من نوعها في التاريخ الشيعي الحديث ، و قد عقد المؤلف على موسوعته نحو ثمانية أعوام ينزع إلى بناء صرح موسوعة كبيرة عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) بأسلوب استدلالي نقلي و عقلي ، و يخلّص موضوعات الإمام ( عليه السلام ) القضية الحسينية من الشوائب التي علقت بها بمرور الزمن .

و يمكن التعبير عن الموسوعة بأنها مجموعة مؤلفات في موضوعات شتى و عديدة ، و الموسوعة بلحاظ عالم التأليـف و الكتاب كبيرة جداً ، و هي من قبيل المعجز الأدبي و الثـقافي ، و سيكتب للموسوعة لضخامتها و تضـافر مشاريعها و عناوينها و فصولها أن تكون يتيمة الموسوعات ، و لا غرو في ذلك أبداً لكون الشخصية التي تتمحور حولها الموسوعة حفرت في ذاكرة الإنسانية سبيلاً ، و غرزت مواطىء أقدامها في عقلية كل توّاق إلى الحياة بحريّة و كرامة ، لعظيم تضحياتها و بليغ إنجازاتها .

و لما كان الإمام الحسين ( عليه السلام ) من البيوت التي خصّتها العناية الإلهية ، بأن يُرفع ويُذكر فيها اسم الله ، فإن هذا البيت سيبقى مفتّحة أبوابه ما بقي الدهر ، و تأسيساً على ذلك ، فإن الموسوعة بإذن الله تعـالى ستظل تحتضن كل جديد بما له صلة بالإمام الحسين ( عليه السلام ) و مَن حوله .

و برّزت موسوعة الإمام الحسين ( عليه السلام ) نظيراتها في كون الأخريات المعروفة في الأوساط العلمية و الأكاديمية قد تعاون على إنجازها باحثون كثر و مؤسسات طويلة الأذرع ، لكن الموسوعة الحسينية تحمَّـل أعباءها و إرساء قواعدها و بُناها التحتية و الفوقية ، من العاشر من المحرم عام 1408 للهجرة ، سماحة الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي المولود في كربلاء المقدسة عام 1366 للهجرة في حارة باب السلالمة المجاورة لمرقد الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، و هذا العمل الكبير في حقيقة الأمر يتعسّر هضمه . فهو مجهود أمّة من العلماء و الباحثين تلخّص في رجل يرجو النجاة بحبّ الحسين ( عليه السلام ) .

لقد حرص المؤلف على إنزال ما استعصى على الفهم بسبب الحشد الهائل من المعلومات منازل اليسر و البساطة ، بما أعمله في كل جزء من تحقيق و بيان موسّعين ، إضافة إلى أنه ألحق بكل جزء من الموسوعة فهارس من شأنها تسهيل عملية البحث و التنقيب . و قد يقف المرء مذهولاً لهذا الحجم الهائل من الأجزاء ، و يبطل العجب إذا ما عرف أن المؤلف لم يتجاوز صغيرة أو كبيرة إلا بعد إعطاء كل معلومة حقها من الفحص و التنقيب و البيان ، صغيرة أو كبيرة ، فجاءت الأجزاء مشبعة ، قد استوفت أغراضها من البحث العلمي و الاستقصاء المعرفي .

و دائرة المعارف هذه جزء من مشروع كبير و كبير جداً ينتظر النور تباعاً من قبيل عمل فلم أو مسرحية عن سيرة الحسين ( عليه السلام ) ، و إنشاء كلية للخطابة و مركز معلوماتي و غيرها ، يسعى المؤلف لأن ينهض بها إن أسعفه العمر ، و يوكل المتبقي لمن يأتي بعده .

لكن لماذا الإمام الحسين ( عليه السلام ) ؟ يحتـفظ بجلّ التاريخ بين أسطره بالكثير من الأسمـاء التي ضربت بأصدائها أعطاف الكرة الأرضية ، و أناخت برحلها في كل قرية و مدينة ، و لكن النزر القليل ظل رجع صوتها يتكرر على مرّ الليالي و صروف الدهر و الأيام .

و الشخصية التي أخذت بجوامع الموسوعة و لبابها و ما يمتّ إليها بصلة هي الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الذي كان من النبي و النبي منه ، بنص قوله الشـريف ( صلى الله عليه و آله ) : " حسين منّي وأنا من حسين " .

شملت موسوعة دائرة المعارف الحسينية على مقدمة من جـزء واحد ، و مدخل للشعر الحسيني ، و قد قسّمت إلى ( الحسين في نظم الشعراء ) و فيها عن الشعر القريض و الشعر الدارج و الشعر الشرقي و الغربي ، و ذلك في ما يقارب ( 221 ) مجلداً ، و بعد ذلك تقدم الباحث للحديث عن كلمات الإمام الحسين ( عليه السلام ) في ( 22 ) جزءً ، و أما عن التراجم ، فتحدث المؤلف عن تراجم الأنصار و الأصحاب و الرواة في أكثر من ( 90 ) جزءً ، قد شمل معجم قَتَلَة الحسين ( عليه السلام ) و عن المهتدون ، و من قالوا فيه ( عليه السلام ) ، و عن الوقائع اليومية التي تربطها أحداث النهضة الحسينية ، و عن كرامات و معاجز الحسين ( عليه السلام ) ، و الرؤيا ، و بعض من المشاريع المنتسبة إلى الحسين ( عليه السلام ) في العالم ، و تحدث عن المجالات الفنية المرتبطة بالحسين ( عليه السلام ) ، و أجزاء عن شبهات تدور حول الحسين ( عليه السلام ) و نهضته ، و الرّد عليها .

و لا يسعنا الحديث عنه إلا أن الحسين مصباح هدىً و ينبوع لا ينقطع ماءه إلا مع موت الأرض و مَن عليها ، و هذه نقاط في سجلّ قضية الحسين ( عليه السلام ) التي أشعلت القلوب و أيقظت الضمائر كي تعيش بإنسانيتها دائماً و أبداً مع و بجوار الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .