یتیمة الموسوعات

تـقریظ تـفضّـل به علینا سماحة آیة الله العظمى الشیخ محمّد حسین بن محمد رضا الکرباسي⁽¹⁾

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله کما هو أهله، والصلاة والسلام على خیر خلقه محمد وآله خیرة البریة.

وبعد: فإن من أعظم ما أنعم الله جلّ وعلا على هذه الطائفة الإمامیة أن أتاح لها في کل عصر رجالاً لا تلهیهم تجارة ولا بیعٌ عن القیام بإعلاء کلمتها وبیان حقائقها وإظهار تراثها من خلال الکتابة والبحث والتنقیب عن أئمتها وتعظیم رجالها، رغم ما مُنیت هذه الفرقة المحقّة من أمور من شأنها تقویض بنیانها ونسف کیانها، لولا العنایة الإلهیة والألطاف الربّانیّـة.

ومن تلك الفحول المجاهدة في هذا السبیل، هو مؤلف موسوعة الإمام الحسین علیه السلام المسمّاة: بدائرة المعارف الحسینیّة، سماحة العلاّمة الحجة الحاج الشیخ محمد صادق الکرباسي دام فضله العالي الذي تمکن من غَور أعماق الأسفار وبطون أمّهات الکتب لیستخرج منها اللّئاليء والدرر، ویضفي علیها تعالیقه الثمینة وآرائه الـقیّمة، لیسهل قطفها ویهنأ تناولها، وهذه الموسوعة في میزان النقد، تعتبر أعظم موسوعة عرفها التأریخ على مرّ العصور، والسِّر لا یکمن في تعدد أجزائها فحسب، بل في دقَّـة مواضیعها وکثرة أبوابها وفصولها، بل أنها یتیمة الموسوعات، حیث لم یحدث أن وضعت موسوعة بمثل هذا الحجم في شخصیة واحدة، بل لم نسمع بموسوعة کهذه قامت أعبائها على کاهل رجل بمفرده انزوى عن الحیاة وزهد عنها لیقدم ثمن جهده العظیم إلى ریحانة الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله وسبطه الشهید أبي عبد الله الحسین علیه السلام، الذي ضحّى بالغالي والرخیص في سبیل أهدافه السامیة لیقوِّم دین جدِّه مستهلاً بذلك نهضته المبارکة بقوله: " إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي " وتأتي الأجیال لتستـلهم منه روح المثـابرة في العمل والجهاد في سبیله، ومن هنا جاءت هذه الموسوعة الضخمة المترامیة الأطراف، التي لم یضعها المؤلف إلاّ لحـبِّه المفعم لسبط الرسول صلى الله علیه وآله، الذي نشأ علیه وفي جوار مرقده الشریف، محاولاً السّیر على خطاه.

نسأل الله أن یسدد خطاه ویأخذ بیده إلى ما فیه الخیر ویوفّقه لإتمامها، انه نعم المولى ونعم النصیر.

1417/7/1هـ =12/11/ 1996م

إیران – قم المقدسة

الشیخ محمد حسین الکلباسي

---------------------------------------------------

-1 ولد سنة 1323 هـ ( 1905م ) في إصفهان، وهاجر إلى النجف الأشرف، فتخرّج على مراجع الأمة وأعلامها فقیهاً أصولیاً مجتهداً ورعاً، مارس تدریس الفقه والأصول هناك، ثم انتـقل إلى مدینة قم المقدسة عام 1378 هـ ( 1958م ) وهناك تصدر للدراسة في الدروس العلیا من الفقه والأصول، فتخرّج من حلقته عدد من العلماء والفقهاء وأرباب الفضل والمعرفة.

عُرف بالورع والتـقى وقضاء حوائج الناس، وکانت له مکانة مرموقـة لدى مراجع التـقـلید وأعیان الأمة، وکان إلى جانب ذلك باحثاً إسلامیاً، تعنّى السفر إلى کبریات المکتـبات الأثـریة في العالم لأجل الوصول إلى بعض الحقائـق التـاریخیة أو العلـمیة، لم یعرف المـلل والکـلل ولم یصرف عمره إلا بممارسـة المعرفة مناقـشـةً ومطالعـةً وکتابـةً، ترك عـدداً من المؤلفات منها:

1- فضائل أهل البیت علیهم السلام.

2- شرح باب الحادي عشر.

3- غرائب وقصار الکلم.

4- تـقریرات الأصول لمحاضرات أستاذه الإمام ضیاء الدین العراقي.

5- تـقریرات الأصول لمحاضرات أستاذه الإمام أبو الحسن الإصفهاني.

6- کتاب الطهارة.

7- کتاب الصلاة.

أخذتـه ید المنون عام 1418 هـ ( 1997م ) بقم المقدسة.