دعم الموسوعة:
Menu
Prof.  Silvia  NAEF

العمل الصرحي

 

إستعراض للجزء الأول من دیوان القرن السادس

 

أن تکون شخصیة الحسین في مرکز الفکر والانتماء الشیعي فهذا لا یحتاج إلى برهان، و هذا العمل الصرحي الذي قام به الشیخ محمد صادق الکرباسي ساعیاً إلى جمع کل ما کتب عن حفید محمّد خلال العصور و البلدان، لیس سوى إبراز لهذه الحقیقة.

یسعى الکاتب منذ بدء عمله 1987 لإصدار 332 مجلداً، صدر البعض منها، کما انه من الممکن أن یصل عدد المجلدات في النهایة إلى 500 مجلد، و هذا العمل الجبّار، الموضَّح من خلال کتَیِّبٍ صغیر مصنّف على عدة أقسام : قسم یجمع کل النصوص الشعریة المتعلقة بالإمام الحسین، و قسم مکرَّس لکلامه (الأجزاء 224 إلى 246) و قسم السیرة المخصص للأتباع و الأصحاب و نَقَلَة الأخبار، و الذي یغطی مساحة من المجلد 247 إلى المجلد 331، کما خصص المجلد 332 کخاتمة.

عندما نحیط بالمکانة التي یحتلها الشعر في الثقافة العربیة بشکل عام، و في الثقافة الشیعیة على وجه الخصوص، فإننا لا نستغرب عندما نعلم بأن أکثر من مائة مجلد من هذه الموسوعة الحسینیة قد کُرِّست للشعر، و قسم الشعر هذا قد تمّ توزیعه على ثلاثة شُعَب : الأولى مخصصة للشعر العربي الفصیح، و الثانیة للشعر العربي العامي، و الثالثة – و التي استوعبت 29 مجلداً – جمعت الشعر المکتوب باللغات غیر العربیة، سواء من اللغات الشرقیة أو الغربیة.

و قد خُصص 44 مجلداً لتغطیة الشعر العربي الفصیح خلال القرون الخمسة عشر المنصرمة منذ الهجرة، تمثل فیها العصر الحدیث بأعداد کثیرة من المجلدات، حیث کُرِّست سبعة مجلدات للقرن الثالث عشر، ثلاثة عشر مجلداً للقرن الرابع عشر، و تسعة مجلدات للقرن الخامس عشر. و في جمیع مجلدات الشعر اتبع المؤلف المنهج التالي : یضع القصیدة أو المقطوعة المنظومة في الحسین، و یقوم بشرح الکلمات النادرة و الصعبة، ثم یورد بعض التفاصیل عن سیرة الشاعر و حیاته. و هذا ینطبق بطبیعة الحال على المجلد الذي بین أیدینا الذي تناول شعر القرن السادس الهجري. فما یمکن أن یُقال عن النتاج الأدبي و الفکري لهذا العصر هو أن القرن السادس الهجري – و الذي یقابل بشکل عام القرن 12 المیلادي – لم یعد العصر الذهبي کما کان القرن الرابع، العصر العباسي الکبیر، إلا أن هذه الفترة، بالرغم من إشکالیة تحلیل الإبداع الأدبي و الفنّي على أساس القرون الزمنیة، فان هناك حولیّات أهم من هذه التقسیمات، لم تکن بالعقیمة ثقافیاً. و إذا کانت بالنسبة لجاستون ویت، فی تاریخ الأدب العربي، قد اتسمت، باحتضار الحضارة البغدادیة الأصیلة فان کارل بروکلمان یتحدث بالمقابل عن ازدهار متأخر من العام 1000 م تقریباً و حتى سقوط بغداد في 1258 م (400 إلى 656 هـ).

فی مجال الأدب، نلاحظ وجود بناء تعبیري جدید، ألا و هو المقامات، و التي یُنسب منشأها عموماً للهمداني المتوفى عام 398 هـ (1008 م)، و التي طوّرها الحریري 446 –516 هـ (1054 – 1122 م). فانتشر هذا الأسلوب من الشرق إلى الغرب الإسلامي، و حضي بمکانة کبیرة عند العرب، کما نجد أیضاً المقامات فی شمال أفریقیا خلال القرن 18 م، و في اللغات الأخرى (السریانیة، الفارسیة، العبریة). کما عرف هذا القرن علماء للّغة أمثال الزمخشر] المتوفى عام 538 هـ (1144 م)، و کُتّاب صوفیین کبار أمثال عمر بن فرید المتوفي عام 632 هـ (1235 م) و فرید الدین العطار المولود عام 513 هـ (1119 م) و ابن عربي المتوفى عام 638 هـ (1240 م).

و بالرغم من أن هذا النتاج الذي لا یُستهان به، فان الشعر في هذه الفترة لا یمثل الغزارة ذاتها التي کانت قبل قرنین، و هذا کما یصدق على الشعر بشکل عام یصدق على الشعر المکرَّس للإمام الحسین.

یحصي الکرباسي في تواریخ الآداب 76 شاعراً للقرن السادس الهجري، و قد ضمّت الموسوعة الحسینیة تقریباً هذا الرقم، دون أن تتشابه القائمتین، و ذلك أن ثلث الشعراء المذکورین و ردوا في القائمتین، في حین أن الثلث الثاني مشار إلیه فقط، فی عمل الکرباسي، في الوقت الذي یمثل الثلث الأخیر القصائد مجهولة الناظِم، غیر أن المؤلف یدعم ما أکده في مقدمته لقسم الشعر، بأن معظم الشعراء قد نظموا أبیاتاً في الحسین .

إن الکمّ الکبیر من المقاطع المجهولة الناظِم التي أوردها المؤلف إنما سببه الانخفاض الکمّي للإنتاج، حیث نلاحظ في النصف الثاني من القرن صعوداً قویاً للقصائد ذات العناوین الحسینیة.

في المجلد الحالي، و بعد المقدمة التي کتبها المؤلف (الصفحات 13 – 25) یأتي القسم الأساسي و الذي یُعرض على مساحة 278 صفحة، قصائد کاملة أو مقاطع مختارة (وفي بعض الأحیان بیت واحد) تتضمن قضیة الإمام الحسین، کما أن الـ 131 قصیدة و مقطوعة، المرقمة بالتسلسل، قد صُنِّفت حسب الحروف الهجائیة للقوافي.

و کما أشار المؤلف في مقدمته فإننا نواجه نسبة کبیرة من القصائد المجهولة الناظِم، و کذلك بعدد کبیر من الشعراء المصنفین و الذین نجهل عنهم تقریباً کل شيء، إذ لم یتوصل الکرباسي إلى أکثر من القول بأن کاتب القصیدة (توفي قبل القرن السابع). و أغلبیة المقاطع مستخرجة من قصائد مخصصة لآل النبي أو لإحیاء استشهاد الحسین. و نلاحظ أن بعض الشعراء قد ذکروا في أکثر من موقع لاسیما الفقیه الإمامي سعید قطب الدین الراوندي المتوفى عام 572 هـ (1177 م )، و محمد بن عبید الله التعاویذي المتوفى عام 584 هـ ( 1187 م) أو موفق بن أحمد الخوارزمي المتوفى عام 568 هـ (1172 م). کما یحتل الوزیر الفاطمي طلائع بن رزیك الأرمني المتوفى عام 556 هـ (1161 م) المعروف بکتابة القصائد في أوقاته الخاصة، أکبر مساحة من القصائد والمقطوعات، حیث أورد المؤلف له في هذا المجلد حوالي عشرین قصیدة کاملة أو مقاطع من قصائد.

و قد أکمل المؤلف عمله هذا بشکل مفید بإضافة ثلاثة فهارس مفصلّة، لتسهِّل للقاريء عملیة البحث عن المادة بأسالیب متعددة، کما أن هذه الفهارس الثلاثة مقسّمة حسب المواضیع...

 

و في الخاتمة فان الصفحات (309 – 325) یعود المؤلف إلى هذا العصر لیعبِّر عن النتاج الشعري، حیث یعلِّق على کثیر من النصوص مسطِّراً عدداً من الملاحظات حول الشعراء، کما یجد القارىء في نهایة المجلد ملاحق لمجامیع القرنین الخامس الهجري ( صفحة 326 ) و الثالث الهجري ( صفحة 327.

و قد أکمل المؤلف عمله هذا بشکل مفید بإضافة ثلاثة فهارس مفصلّة، لتسهِّل للقاريء عملیة البحث عن المادة بأسالیب متعددة، کما أن هذه الفهارس الثلاثة مقسّمة حسب المواضیع، فالفهرس الأول (الصفحات 330 – 353) مخصص للنصوص الشعریة، و الثاني (الصفحات 354 – 420) للهوامش، و الثالث ( الصفحات 421 – 474 ) مشترك بین الاثنین، و یسمح للبحث عن الآیات القرآنیة و الأمثال و المصطلحات الفقهیة و العلمیة و الفنیة، کما انه یشمل المذاهب و المدارس الدینیة، و المصطلحات المتعلقة بالواقع و الإنسان و الحیوان، إضافة إلى مصادر أخرى.

 

1421/1/20هـ 2000/4/25 م

Switzerland سویسرا – جنیف

سلفیا نایف

Silvia Alberto Naef